الأربعاء، 8 يناير 2014

عريس غير كل العرسان

ميلاد أي  طفل يعني ميلاد للأمل ويقابل الناس الامل باختلاف الجنس للمولود فـإن كانت انثى منهم من ينصب المناحة ومنهم من يستقبلها بابتسامة وان كان ذكر فيختلف الاستقبال فالتهليل لناصر ابيه وامه في شيخوختهما كبير. فترى الابتسامات تعلو الشفاه والجده تناديه بالعريس ! 
عريس قصتي كان مختلف عن كل العرسان. ولد كباقي الذكور وهو يصرخ واستغرب الاطباء شدة صراخه لكنهم لم يعيروها اهتماما لانهم انشغلوا في امر مختلف ... نظر الى الام الطبيب وقال لها : مبروك اجاكي ولد بس... تلك الكلمة التي اوقفت المرأة من اكمال ابتسامتها قالت : بس شو يا دكتور؟؟ أجابها والالم يعتصر قلبه : ابنك ولد وفيه تشوه خلقي في يده اليمنى ... تنهدت وقالت كنت اظنك تقول انه مصاب بأمر جلل الحمدلله ... ونظر الاب له فقبله وأذن في أذنيه وحنكه...
الا ان فرحة اهل العريس لم تكمل حينما دخل ذاك الطفل البيت واخذ الجميع يستفسر عن يده ومنهم من نظر اليه نظرة استغراب واخرين تمنوا موته ! 
كبر ذلك العريس وكان كل من رآه قال الحمدلله الذي عافاني مما ابتلى هذا بصوت عال جعلت ذاك العريس يتساءل ما الخطب وما الفرق !
أكمل الطفل الخامسه وذهب مع امه السوق فاختار حقيبته ، قلمه ، ودفتره ... توجه في اليوم الاول الى المدرسة اراد ان يلعب وكيف لطفل بيد غريبه ان يلعب ... رفضه الجميع وكبر وكبر الرفض ... اصبح يكره المدرسه ويكره المعلم .. حقد على المجتمع الذي نظر اليه كعاله وحقد على والديه لانهما لا يفهمان معاناته وكيف لهم وهم يمتلكون كل ما يمتلكه الانسان الكامل ! 
ومع ذلك بقي يحارب الاستهزاء باللامبالاة  لانه ظن انها حاله ولم يكن يعرف انها وباء مجتمعي كامل وحينما زادت عليه الآلام نظر الى السماء متسائلا وكما الحال مع كل ساقط في فوهة الظلام فالسماء لا تجيب بكلمات يفهمها البشر ... نظر الى الجميع دقق في وجه كل تلميذ آذاه وكل معلم تجاهل صوته وامه التي ضاقت ذرعا من بكاءه وأباه الذي عجز عن اسكات المجتمع وتساءل ما الفائده من وجودي فلن يسأل عني احد! 
نظر الى السقف تارة والى الحبل تارة وبكى ولم يسمع بكاؤه احد وان سمعوه لن يفهموه كما لم يفهموا بكاؤه وهو صغير ربط المشنقه واعد المنصه ونظر الى السماء وتنهد ووضع الحبل حول رقبته باليد التي اعابها الناس كما لو انها سكينا سلط على رقبته وسلم روحه الى بارءها. 
فتحت الام الباب لترى طفلها اليائس يتأرجح امامها تحمله وهي تصرخ تقول له  لماذا يا قلبي! ودخل الاب ورأى ابنه تحاول امه ان تحمله لتمنع اختناقه فيفك الحبل لكن الحبل قال كلمته قبلهما وروحه فارقت نظر الاب الى السماء والدموع تملأ عينيه وقلبه... وقال غادر العريس قبل زفافه. 
يخرج الخبر الى الجرائد يراه العامة يقلبون الصفحة على الابراج فالكل يبحث عن الحظ في حين بحث ذاك العريس عن قلوب حنونة ماتت ومات خبره كما مات ومازال سؤال ذاك العريس لماذا ؟ 

ليست هناك تعليقات: